القرض حلال ام حرام ؟ لطالما تساءلنا عزيزي القارئ عن تفاصيل حياتنا اليومية ما إذا كانت حلال ام حرام. ذلك أن اختلاف أسلوب الحياة ومعاييرها ، والإمكانيات فيها ، يجعل من الصعب في بعض الأوقات معرفة الحلال والحرام ، وبالتالي قد يحدث لغط في بعض الأمور.
لحسن الحظ ، في كل زمان يوجد مرجع قد نجد لديه إجابة تريحنا ، وهذا ما قررنا نقله إليك عزيزي القارئ ضمن مقالنا لليوم ، فتابع معنا لنستنتج معًا ما إذا كان القرض حلال ام حرام.
القرض حلال ام حرام
في الواقع ، قد يحدث اختلاف بالآراء حول ما اذا كان القرض حلال ام حرام. أو ممكن القول أن ما يحدث هو اختلاف في طريقة النظر والتفكير بشأن القروض عند تحديد ما إذا كان القرض حلال ام حرام.
انطلاقًا من ذلك ، وجدنا لك عزيزي القارئ آراء لجهتين اثنين حول ما إذا كان القرض حلال ام حرام وسوف نذكرهم هنا بشكل تفصيلي كما يلي.
القرض حلال ام حرام بحسب دار الإفتاء المصرية
من جانبها أكدت دار الإفتاء المصرية ، على لسان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية الدكتور محمد وسام ، حيال ما إذا كان القرض حلال ام حرام من خلال رده على سؤال:
“ما حكم قروض الشركات هل هي حلال ام حرام؟”
وذلك عبر البث المباشر لموقع دار الإفتاء على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” ، حيث أشار إلى أنه يجب أولًا التفرقة بين القرض والتمويل ، منوهًا بأن ما يتحدث عن البعض هو تمويلات ومعونات وليست قروضًا.
في سياق آخر ، قال الدكتور محمد عبد السميع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية ، إن “توسط السلعة بين البائع والمشتري لا يسمى قرضًا بل هو تمويل لشراء السلعة مثلًا مثل الشقة”.
وأضاف عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على موقع «فيسبوك»: «الحصول على قرض لعمل مشروع وهو تمويل للمشروع وليس محرم».
وأكد: «أن الحصول على قرض لظرف طارئ مثل مرض أو سكن ضيق أو ذو حاجة مُلحة للقرض أتت على الضروريات مثل الأكل والتعليم ، والقروض فيها لأصحاب الضرورة وهذا حلال».
وبالتالي ، هل القرض حلال ام حرام ؟
وأوضح: «القرض الذي لا يستطيع الإنسان سداده هو حرام ، ولا يجوز الإنسان أن يأخذ قروضًا ولا يستطيع بعد ذلك سدادها لأن هذا يؤدي إلى السجن أو نحو ذلك ،
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه ، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء ما لا يطيق».
من جانبه ، قال الدكتور على جمعة ، مفتى الجمهورية السابق ، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية ، إن التمويل العقاري جائز شرعًا ، ولا بأس في تلك المعاملة ، مشيرًا إلى أنه لا يسمى قرضًا ؛ لأن العين تكون ضامنة للشخص في هذا النوع من المعاملات.
وأوضح جمعة ، خلال أحد اللقاءات التليفزيونية ، أن التمويل العقاري هو نوع من أنواع الاستثمار الجائز شرعًا في الإسلام.
وأضاف: “هناك من يلتبس عليه الأمر فيأخذ قرضًا من البنك بـ100 ألف ثم يسدده 120 ألفًا فهذه الحالة تكون ربا ، ولكن جاءت فكرة التمويل العقاري وهى أن البنك يقوم بشراء مواد إنتاج بـ100 ألف ويبيعها للعميل ويأخذ منه 120 ألفًا فهذه الحالة تُعد من باب البيع المؤجل ؛
لأن السلعة هنا توسطت الثمنين ، وهما ثمن الحال وثمن المؤجل ، فإذا أخذ العميل تمويلًا عقاريًا ؛ فستكون هذه المعاملة أشبه بالبيع المؤجل وليس بالقرض”.
حكم القرض حلال ام حرام بحال الغاية هي أداء العمرة
من جانبه أوضح الدكتور أحمد ممدوح ، مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء ، حكم الاقتراض لأداء العمرة ، مؤكدًا أن من امتلك جزءًا من المبلغ المطلوب لأداء العمرة ، وكان ينقصه جزءًا آخر ؛ جاز له أن يقترض ويعتمر.
من جانبه قال الشيخ عويضة عثمان ، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية ، إن من شروط فريضة الحج أن يكون الإنسان مستطيعًا لذلك ، فإن كان الإنسان لا يملك تكاليف الحج أو العمرة فلا حرج عليه.
وأضاف «عثمان» في فتوى له :
ما حكم الاقتراض لأداء الحج أو العمرة؟ أنه لا نقترض لأداء فريضة الحج أو العمرة فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها فالحج شرطه أن يكون على المستطيع والاستطاعة مادية أولًا ثم بدنية ثانيًا.
وقال للسائل:
“إذا كنت لا تمتلك تكاليف الحج فلا تقترض لتحج أو لتعتمر ، ولكن من اقترض وذهب لأداء الحج او العمرة فحجه صحيح ولا حرج في ذلك ولكن لا ننصح بهذا حتى لا يقع الإنسان نفسه في الدين لأن الحج على المستطيع القادر وأنت بهذا غير مستطيع”.
القرض حلال ام حرام بحسب الشيخ الإمام ابن باز
أما في الإجابة عن استفسار القرض حلال ام حرام من جانب آخر ، فقد تم طرح السؤال التالي على سماحة الشيخ الإمام ابن باز :
إذا احتاج الرجل إلى شيء من المال ؛ لمؤونة البيت أو تسديد أجرة الدار أو نحو ذلك ، ولم يجد من يقرضه ولا من يستدين منه ، فهل يجوز له أن يستدين من البنك ؟
وكان الجواب على النحو التالي :
إن كانت الاستدانة من البنك على طريقة شرعية ؛ كأن يأخذ قرضًا بمثله من دون زيادة ، أو يشتري منه سلعة إلى أجل معلوم ولو بأكثر من ثمنها الحاضر ، فلا بأس.
أما إذا اقترض منه على وجه الربا فهذا لا يجوز ؛ لأن الله سبحانه حرم الربا في كتابه العظيم ، وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.
كما ورد فيه من الوعيد ما لم يرد في أكل الميتة ونحوها ، قال الله سبحانه:
“الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275] “،
قال أهل التفسير: معنى ذلك أنه يقوم من قبره يوم القيامة كالمجنون.
ثم قال الله سبحانه بعد ذلك:
“ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ” [البقرة:275-276].
وصحَّ عن رسول الله ﷺ أنه: لعن آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهديه ، وقال: هم سواء. رواه مسلم في صحيحه.
والآيات والأحاديث في تحريم الربا والوعيد عليه كثيرة مشهورة ، وليس عدم المحتاج من يقرضه أو يبيع عليه بالدين ، يجعله في حكم المضطر الذي تباح له الميتة أو الربا ، هذا قول لا وجه له من الشرع ؛ لأن في إمكان المحتاج أن يعمل بيده حتى يحصل ما يسد حاجته أو يسافر إلى بلاد أخرى حتى يجد من يقرضه ، أو يبيع عليه بالدين إلى أجل.
والمضطر هو الذي يخشى على نفسه الموت إذا لم يأكل من الميتة ونحوها ؛ بسبب شدة المجاعة ، وعدم قدرته على ما يسد رمقه بالكسب ولا بغيره ، وليست حاجة هؤلاء الذين يعاملون البنوك بالربا في حكم الضرورة التي تبيح الميتة ونحوها ،
وكثير من الناس سهل عليهم أمر الربا ، حتى صار يعامل فيه ، ويفتي الناس به بأدنى شبهة ، وما ذاك إلا لقلة العلم وضعف الإيمان ، وغلبة حب المال على النفوس ، نسأل الله السلامة والعافية مما يغضبه ،
ومهما أمكن عدم التعامل مع البنك وعدم الاقتراض منه ولو بالطرق الشرعية التي ذكرنا آنفًا فهو أولى وأحوط ؛ لأن أموال البنك لا تخلو من الحرام غالبًا ، وقد قال النبي ﷺ: من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. والله المستعان.
المحصلة النهائية
ختامًا ، إنّ كل قرض يشترط به المقرض منفعة لنفسه فهو محرم شرعًا ، مثل أن يشترط على المستقرض أن يسكن داره مثلًا ، أو يعيد المبلغ بزيادة عليه ، فهذا قرض جر منفعة وهو حرام ، إلا أنه يستحب الزيادة في الأداء من باب الإحسان واتباعًا لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم أحسنكم قضاء).
Comments (No)